س أصعب الكلمات في التعريف كلمة التوكل وذلك حتى عند أهل اللغة لان معناها عند العرب قبل الإسلام إظهار العجز والاتكال على الغير فلما جاء الإسلام ومن علاماته التوكل على الله بمعنى الكلمة عند أهل التحقيق إظهار العجز لله تبارك وتعالى والتوكل عليه الأولى كانت تسمى عندهم الاتكال وهي التي فيها شيء من التواكل لكن في العلاقة بين المولى سبحانه وتعالى وعبده لا بد مع إظهار العجز لله جل شانه والاعتماد عليه أن آخذ بالأسباب في الأرض وأنا متوكل عليه هذه العملية تسمى التكلان بالنسبة لله جل وعلا لأننا لما نتوكل عليه فإننا نختار من نعتمد عليه بدقة وهو الله خالق كل شيء المهيمن بكل صفاته الكاملةلكن مهما حاولنا شرحها فلن يتبين لنا ذلك إلا من خلال مثال تطبيقيتكلمنا في حلقات سابقة عن الإسراء والعروج وقلنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا دخل له في هذه القضية بدليل"سبحان الذي أسرى بعبده" لكن لما جاءت الهجرة كان الوضع مختلفا تماما فرسول الله عليه السلام يأخذ بالأسباب بدقة ويتوكل على الله تبارك وتعالى أيضا بدقة بمعنى انه اختار الصحبة (أبو بكر الصديق) وطلب منه التزود للرحلة بدابتين شديدتين واتى بدليل يعرف الطريق جيدا وأعطاه أجره ولم تثبت أي رواية عن كفر أو إسلام هذا الدليل ولما تبعهم الكفار تسللوا إلى الغار واختبئوا فيه كل هذا يعتبر أخذا بالأسباب فالرسول يعلم أصحابه ذلك يسال أبا بكر وعمر ما تركتم في أولادكم فيجيب الأول تركت لهم الله ورسوله ويقول الثاني تركت لهم نصف مالي كان عليه السلام يخطط بكل دقة ويعلمهم الأخذ بالأسبابفي الغار يقول الصديق لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا فيجيبه الرسول عليه السلام لا تحزن إن الله معنا بماذا بالتوكل. فهو يأخذ بالأسباب متيقنا أن الذي سيستره عن أعينهم هو الله سبحانه وتعالى
في الهجرة بان جيدا كيف توكل على الله سبحان، بالأخذ بالأسباب من احتياط وتدبير وتخطيط لذلك في بعض الروايات انه صلى الله عليه وسلم لما خرج من بيته بمكة اخذ حفنة من التراب وقال شاهت الوجوه ورماها فأخذتهم سنة من النوم ولم يراه احد منهم كل ذلك بفعل من المولى سبحانه وتعالى الذي توكل عليه الرسول عليه السلام وهو آخذ بالأسباب.[/size]
سؤال: النصر ربطه المولى سبحانه وتعالى بمعادلة فيها الاخذ بالاسباب ويتجلى ذلك في قوله"ان تنصروا الله ينصركم "
الدكتور محمد هداية: يجب ان نعلم أولاً أن القاعدة الاصولية "وما النصر إلا من عند الله" وهذه حقيقة ولكن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة فالمولى سبحانه وضع الشرط الذي يجلب النصر علماً أن النصر من عند الله ولا يمكن أن ينكر ذلك احد لكنه وضع الشرط في أيدينا شرط الاستجلاب"إن تنصروا الله ينصركم" فالذي لم يُنصَر (بضم الياء وفتح الصاد) فحتماً أنه لم يَنصُر (بفتح الياء وضم الصاد) الله تعالى وتبارك ، صحيح أن النصر من عند الله "وما النصر إلا من عند الله" فالنصر عند المولى كمخزون في القضاء والقدر لكن ماذا فعلت لينصرك الله؟ فأنا إن عملت بما أوجبه الله علي في الاسلام أكيد سينصرني الله.قد يتساءل المرء كيف ننصر الله؟
تنصره بأن تقوم بكل ما امرك به في الاسلام سواء في العبادات أو المعاملات أو التعاملات وفي العلاقات بين الرئيس والمرؤوس وفي بر الوالدين واحترام الجار وتربية الاولاد، كل هذا من عوامل نصر الله تبارك وتعالى إن أنت قمت بها على الوجه الذي يرضيه سبحانه ينصرك جل شانه من أوسع الأبواب.والمولى لخص مسالة التوكل في حديث لرسول الله عليه السلام في القرآن الكريم "وتوكل على الحي الذي لا يموت" لأنك قد تتوكل على مخلوق فان ومتغير لكن المولى سبحانه حي لا يموت والآية الثانية "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" لان هذا شرط العمل "فهو حسبه" يعني أن نكون آخذين بالاسباب والمولى لم يقل سألبّي ولكن قال سأجيب "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم" ولم يقل أُلبي لكم.سؤال في مسالة النصر نعلم أنه في الايام الاولى للدعوة تعرض المسلمون لأذى الكفار والمشركين لكن في معركة بدر إنتصر المسلمون وهم قِلّة وبالمعايير الاستراتيجية والعسكرية قد يصعب ذلك فهل مسالة التوكل حسمت الموقف في هذا المكان؟الدكتور محمد هداية: هذه المسالة يمكن أن نفهمها عندما نستعرض بدر وأُحُد عندها نعلم أن المسألة أخذ بالأسباب وتوكل على الله ولي ملاحظة هامة أريد أن أسوقها وتدخل في باب الرد على بعض المستشرقين الذي حاولوا أن يهاجموا الإسلام من حكاية معركة أُحد ونقول أننا لو كنا انتصرنا في أُحد رغم أن المسلمين لم يسمعوا كلام رسول الله عليه السلام ولم ينفذوا تعليماته فستكون مصيبة بالنسبة للاسلام فالهزيمة في أُحد كانت رداً على الذي حصل في بدر لأن الذي نصر في بدر هو الله سبحانه لأنهم توكلوا عليه حق التوكل إنما في أُحد ورغم أن إمكانيات النصر كانت أكبر لكنهم لم يطيعوا رسول الله ، فصحيح أن المسلمين انهزموا في أُحد لكن الله ورسوله والاسلام انتصروا. فعدم الطاعة مصيبة كبرى والهزيمة كانت علامة من علامات وجوب طاعة الرسول وتنفيذ كل أوامره فإن لم نفعل فإنه لن يحصل الذي حصل ببدر ولكنه سيحصل الذي حصل في أُحد والاثنين يوضحان أن التوكل على الله بعد الأخذ بالأسباب علامة من علامات الإيمان واستجلاب النصر من عند الله عز وجل .
سؤال: هل يمكن أن نشرح مسالة الرزق وأهمية السعي لجلبه
الدكتور محمد هداية: كان لرجل حكيم إبن عاصٍ يرفض العمل بعلة أن الله ضامن له رزقه فأخذه في رحلة فرأوا أسداً ينقضّ على فريسة فيأكل منها ويترك الباقي وإذا بثعلب أعمى يخرج من جحره ويأكل مما تبقى فيقول الولد يا أبي ألا ترى الله قد ضمن لهذا الثعلب رزقه من دون تعب ولا كلل؟ فيجيبه الحكيم بجملة لو فهمناها حق الفهم لأدركنا المعنى الحقيقي للتوكل في مسالة الرزق يقول : إنما أردتك أسدا يأكل من سعيه الثعالب لا ثعلباً يأكل فتات الاسود.]ذن فبالسعي أنت تعمل لنفسك كياناً ووضعاً ومركزاً وهيبة .
سؤال : يأتي الحمد في سورة الفاتحة مباشرة بعد (بسم الله الرحمن الرحيم) وفي الجنة آخر دعواهم أن الحمد الله رب العالمين " ومن صفاته سبحانه الحميد، يعلمنا الإسلام إياها تطبيقاً في تعاملاتنا وفي سلوكياتنا ومع أنفسنا ومع الآخرين، فما هو الحمد؟
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
الحمد ضد الذم والحمد له وقع في القرآن الكريم وملاحظتك مهمة جداً في قولك أن مكان الآية في القرآن لا يمكن أن يكون صدفة . فسورة الفاتحة حسب ترتيب النزول رقم 5 لكن ليس من قبيل الصدفة أن تكون أول آية في القرآن الكريم بعد البسملة الحمد لله . كان هذه هي أهم صفة إشتقت من صفة الحق تبارك وتعالى . فمن أسمائه الحميد وما تجدر الإشارة إليه هنا أن المشهور عند الناس أن عدد أسماء المولى جل وعلا 99 اسماً لكن ثمة أسماء أخرى نجهلها كالاسم الأعظم وأسماء استأثر بها الحق عنده في علم الغيب وهناك صفات مشتقة من صفات ، فعندما أقول بسم الله الرحمن الرحيم لأستفتح هذا الكتاب العظيم أقول الحمد لله رب العالمين . حتى وإن كان أهل مكة وأصحاب المذهب المالكي لا يجهرون بالبسملة تكون مع ذلك أول كلمة عندهم الحمد لله رب العالمين . والحمد كلمة إزدواجية الأداء تقال عند الكرب فتفرجه وتقال عند الخير فتزيده والمسلم لا بد أن ينسب كل شيء إلى توفيق الله سبحانه وتعالى حتى جلساتنا ودروس العلم التي نقيمها يجب أن لا ننسب الفضل لأنفسنا بل نقول الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله فإذا كنا في خير زاده الله تبارك وتعالى وإذا كنا في كرب منعه الله سبحانه وخففه او لطفه .
التوكل
=====
التوكل التوكل التوكل التوكل ............................................................... التوكل التوكل معنى التوكلإذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم، فيقول قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون نعم، فيقول ماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع، فيقول الله ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد
فتخيل بعد هذه الحلقة إن نحن أفدنا من قيمة الحمد وعلمنا قيمته بأن نقولها في السراء والضراء وعلى كل حال وفي أي حال يبني الله لكل واحد منا بيتاً في الجنة يسمى بيت الحمد. فلما تقول الحمد لله تُرجع الأمر كله لله سبحانه وتأخذ صفة من أعز صفاته صفة الحميد ومنها الحمد فتجد بيتاً في الجنة أعده الله للحامدين الذين حمدوه عند المصائب وعند النكبات اسأل الله أن نكون من الحامدين في السراء والضراء.
"كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"، هذه الصياغة تجعلنا نسأل سؤالاً هل الحمد أن أتحرى صياغة معينة أم أنها نوع من الإحساس أولاً وتصرفات ثانياً فمن الناس من يقول أنه لا يستطيع أن يثني على الله حق قدره مهما فعل فهل نستطيع أن نحمد الله سبحانه حق قدره؟
يقول أحدهم حتى وإن لم يقدر الإنسان أن يقول في الله الحق كل الحق وحتى إذا صادف قوله الحق لا يعرف هو أنه يقول الحق . وسيدنا محمد عليه السلام فطن إلى ذلك فقال "الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك . فالرسول عليه السلام قال أنه مهما قلت ومهما حمدت ومهما أثنيت لا يمكن أن تصل إلى الدرجة التي تجب لله رب العالمين والذي تفضلت به هو حديث جامع لحديث مفصل للرسول عليه الصلاة والسلام يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "الطهور شطر الإيمان وسبحان الله تملا الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض الصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك"
"الطهور شطر الإيمان" فبداية الوضوء حمد عندما تقول الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني، "الحمد لله تملأ الميزان" والمسلم لا يبتغي غير ذلك أن يكون ميزانه ثقيلاً بالحسنات، "وسبحان الله والحمد لله يملآن ما بين السماوات والأرض"، فإذا ما دفعك الشيطان مثلاً إلى التعجب أن تحمد الله مباشرة بعده. تحمده على ماذا؟ كأن تقول عندما ترى مريضاً يشكو مرضاً شديداً أو عنده أذى أو قبح خلقة أن تقول مباشرة الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وهو ارحم الراحمين، فبالإضافة إلى أن سبحان الله والحمد لله ثقيلتان في الميزان فهي تملأ ما بين السماوات والأرض ، "الصلاة نور" ونعلم جيداً أن كل الصلاة حمد، "الصدقة برهان" برهان حمد على ما أنعمك الله به من خير، "الصبر ضياء" والصبر كله حمد خصوصاً لمن اسلم إسلام الوجه للمولى سبحانه وتعالى ، فالحديث جامع كله حمد لله تعالى .
ان الصدفة منتفية عند المولى سبحانه وتعالى لذلك ليس من الصدفة أن يكون نبي آخر الزمان إسمه محمد وهو إسم مشتق من صفة من صفات المولى سبحانه وتعالى وهي صفة الحمد.
محمد هداية: أولاً الصدفة ضد الهيمنة والمولى سبحانه هو المهيمن. ثانياً لو تدبرنا جيداً نرى أنه كان لكل اشتقاق لإسم الرسول عليه السلام زمان لأن الزمن جزء من الفعل في اللغة العربية وقد بينا ذلك سابقا عندما قلنا أن سيدنا عيسى عليه السلام لما قال "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد" كان لا يملك أن يقول محمداً، أقول هذا لأن هناك من يقول نحن بانتظار أحمد والرسول الذي بعث لكم إسمه محمد، المسالة مسالة إشتقاق والمولى عز وجل قالها صراحة في ليلة العروج أن فضله على سائر الأنبياء أنه إشتق له إسماً من أسمائه وإلى من يتساءل هل إسم الله الحمد؟ عليه أن يعلم أن كلمة الإسم في اللغة تعني الإسم وتعني الصفة بدليل قول الحق سبحانه وتعالى "بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان " الإسم هنا هو الصفة بئس أن يتصف الإنسان بالفسوق بعد أن كان متصفاً بالإيمان.
فلما يقول المولى سبحانه وتعالى واشتققت لك إسماً من أسمائي وجعلته مقروناً بإسمي فلا يقول العبد لا اله الا الله إلا ويقول محمد رسول الله معناها أن إسم الرسول عليه السلام لم يأت اسماً جامداً إنما جاء إسماً مشتقاً وما دام جاء اسماً مشتقاً سيكون له في كل زمان اشتقاقاً فلما كان سيدنا عيسى عليه السلام يبشر بمجيء سيدنا محمد كان يقول "ومبشرا برسول يأتي من بعدي إسمه احمد" إذا هو لم يأت بعد فطالما أنه لم يبعث بعد لا أقدر أن أطلق عليه إسم مفعول لأن محمداً ومحموداً فكان لا بد أن يولد حتى تطلق عليه هذه الأسماء فجاء بإسم يقابل الوقع في الزمن فكأننا بسيدنا عيسى عليه السلام يقول ومبشراً برسول يأتي من بعدي أحمد مني لرب الناس يعني أفضل مني في الحمد لرب الناس فإذا ولد هذا الأحمد كان محمداً فإذا قام بالحمد فهو حامد وإن أداه على الوجه الصحيح فهو محمود المنقلب إلى المولى سبحانه وتعالى يوم القيامة وهذه كلها أسماء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وعلى فكرة كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى صلى الله عليه وسلم.
نؤكد مرة أخرى على معاني التطبيق و الممارسة الفعلية للحمد عند الإنسان المؤمن. نريد أن نعرف كيف يأتي الحمد بثماره مرتين في الدنيا والآخرة؟
الحمد للمؤمن في السراء والحمد للمسلم إسلام الوجه في الضراء فمن السهل أن يشارك المرء فرحة أخيه إنما من الصعب أن تشاركه حزنه .من السهل أن يقول الواحد منا الحمد لله في السراء لكن لا تكون في الضراء إلا للذي اسلم وجهه لله سبحانه وهي درجة اتفقنا أنها أعلى من درجة الإيمان لذلك لما كان الرسول في المقابر ووجد امرأة تلطم وجهها لفقدانها عزيزا عليها قال لها اصبري فقالت إليك عني فلما اخبروها انه النبي ذهبت إليه لتعتذر فقال لها إنما الصبر في الصدمة الأولى .
فالمسلم إسلام الوجه لله سبحانه تستوي عنده الأشياء فسواء مات ابنه أو عاش لا يجرؤ على إغضاب المولى سبحانه وتعالى فلا يجد على لسانه وبيقين الا الحمد لله رب العالمين أنه من أولئك الذين قال فيهم المولى سبحانه" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته"